الاثنين، 6 فبراير 2012

المافيا والماسونية

إن لمن الملفت للنظر أن الكثير منا يعتقد بأن المافيا منظمة حديثة التاريخ بعمر افتراضي لا يتجاوز الـ100 عام .. في الواقع يرجع تاريخ المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقلية الإيطالية في سنة 1282 بعد فساد نظام الحكم في فرنسا، ولعل عدم إلمامنا بذلك يعود إلى كون المافيا بشكلها الحديث لم تعرف إلا في نهاية القرن التاسع عشر، ومن ثم اكتسبت المزيد من الشهرة لتظهر كأقوى منظمة إجرامية عالمية من خلال انتقال جزء كبير منها إلى الولايات المتحدة مع مطلع القرن العشرين.
هناك العديد من الروايات التي تفسر سبب تسمية هذه المنظمة بـ (المافيا( فهناك من يرد التسمية إلى أصل عربي بينما تنتشر حكاية إيطالية قديمة تقول بأن جزيرة صقلية شهدت مرحلة نشوء وتبلور منظمة سرية لمكافحة الغزاة كان شعارها:
)موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا) فجاءت كلمة مافيا من الحروف الأولى لهذا الاسم وأصبحت رمزاً للمنظمة.
من جانب آخر هناك من يذكر بأن نشأة المافيا كانت نتاجاً طبيعياً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف واغتصاب فتاة إيطالية في ليلة زفافها سنة 1282 م مما أشعل نار الانتقام في صدور الإيطاليين فسفكوا دم الفرنسيين انتقاماً لشرفهم وأعراضهم .. وكان شعارهم في ذلك اليوم هو الصرخة الهستيرية التي أطلقتها أم الفتاة وهي تجري في الشوارع صارخة: ” (ابنتي، ابنتي).
ولعل الكثير من زعماء المافيا يؤمنون بالتفسير الأخير ويشيرون إليه بشكل دائم لما فيه من معاني حسنة، تقوم على الدفاع عن العرض والشرف والذود عنه، على الرغم من ارتباط اسم المنظمة بالإجرام والاغتيال فيما بعد .. الجدير بالذكر أن المافيا القديمة تختلف اختلافاً كلياً عما عليه المافيا الحديثة بعد أن تخلصت من كل ما يربطها بجذورها الأساسية على يد زعيمها (لاكي لوسيانو).
*-أما المافيا الأمريكية الحديثة:
المافيا الأميركية الحديثة تشكلت مع انتقال الإيطاليين من صقلية ونزوحهم إلى الولايات المتحدة نظراً لانخفاض مستوى المعيشة والفقر الشديد الذي كانوا يقاسونه، ويقدر عمرها في أمريكا بقرن من الزمان وتتميز بتخلصها من طابع المافيا الإيطالية وتقاليدها.
ولم يكن اليهود لتفوت عليهم هذه الفرصة السانحة في السيطرة على عصابة كهذه فكانت البداية على يد السفاح اليهودي (ماير لانسكي) الذي أوعز إلى (لاكي لوسيانو) اغتيال آخر زعماء المافيا القديمة (سلفادور مارانزانو) سنة 1931.
لوساينو كان يرى بأن مافيا صقلية بزعمائها وتقاليدها القديمة تعرقل أهدافه، كالوصول إلى الثروة والمال أياً كانت الوسيلة أو الثمن .. بالإضافة إلى أن المافيا القديمة كانت تقدس أموراً كالشرف والكرامة والعادات والتقاليد وهو ما كان يراه أمراً ثانوياً فكان عليه أن ينتزع المافيا الحديثة من جذورها الأساسية في صقلية، فتطبعت المافيا الأمريكية الجديدة بطابع يهودي بفضل بصمات ماير لانسكي الواضحة في سماتها والتي جعلت من المال والسيطرة هدفاً أساسياً لها دون النظر إلى الثمن
مما تتكون المافيا ؟
المافيا جهاز معقد للغاية يبدأ تكوينه بما يسمى بـ(العائلة) كما شاهدنا في الكثير من الأعمال السينمائية، وهي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يجمعهم رابط معين كرابطة الدم، الصداقة، النسب .. أو حتى المدينة أحياناً، ويتزعمها عادةً أقوى الأفراد شخصية وأجدرهم بالقيادة وتتم مبايعته من بقية الأفراد وتكون لكل عائلة سمة معينة أو نشاط إجرامي يميزها عن بقية العائلات.
تأتي بعد ذلك المرحلة الثانية وهي عبارة عن الوحدة الأكبر أو العائلة الكبرى، بانضمام عدد من العائلات المتشابهة في النشاط إلى بعضها ويتزعمها زعيم منتخب من العائلات الصغيرة وفي الأخير يخضع الجهاز بأكمله إلى الرائد الكبير للمافيا والذي عادةً ما يكون في صقلية، وأحياناً قد يشارك في إدارة دفتها أكثر من قائد ممن يشهد لهم بالكفاءة والتاريخ العريق.
ولعل مما يميز المافيا إلى جانب تركيبه المعقد هو الطاعة الشديدة والولاء الكامل للرؤساء لدى أفراده ولعل هذا الوصف يسري في غالبه على مافيا صقلية والتي تختلف بشكل كبير عن مافيا لوسيانو، الذي بدأ بتكوين عائلات جديدة للمافيا عبر بناء أبسط تركيباً يختلف من عائلة لأخرى .. لا يربطه بمافيا صقلية سوى الاسم.
*- أشهر عائلات المافيا :
حازت بعضت العائلات في تاريخ المافيا على شهرة تعدت في بعض الأحيان النطاق المحلي والإقليمي، وتوزعت العائلات على الولايات المتفرقة وتباينت سطوتها ونفوذها بين ولاية وأخرى، ففي نيويورك كانت هناك عائلة لاكي لوسيانو وعائلة جو بنانو وعائلة ألبرت أنستازيا واشتهرت الأخيرة بتعداد أفرادها الضخم .. بالإضافة إلى عائلتي جون جوتي وجوزيف بروفاس ، فيما ظهرت في شيكاغو أشهر عائلات المافيا على الإطلاق .. عائلة آل كابوني.
ويختلف عدد الأفراد في كل عائلة فهناك عائلات يصل عدد أفرادها إلى ما يزيد عن الـ600 شخص كما في عائلة ألبرت أنستازيا وهناك ما يزيد على الـ1000 كعائلة آل كابوني، ولكل عائلة رئيس ونائب وهناك ما يسمى بالقادة الميدانيين – كشخصية مايكل مادسن في ومجموعة من المرتزقة والرعاع يقومون بتلقي التعليمات من رئيسهم، وتدور الأموال فيما بينهم بنسب متفاوتة حسب التسلسل القيادي.
*- بماذا اشتهرت المافيا وما نوع السيارات التي تقتنيها لعملياتها ؟
اشتهرت المافيا بسياراتها الفورد السوداء ذات الطابع الكلاسيكي والتي كانت تستخدم في عمليات المافيا، ويرجع الفضل في ابتكار وتصنيع هذه السيارة إلى (فيل الديريزيو) أحد أفراد عصابات شيكاغو والذي راعى في تصميمه للسيارة تزويدها بكل ما يسهل من مهمة أفراد المافيا في تنفيذ جرائمهم، فأضاف جهازاً يعمل على فتح وغلق المخزن الخاص بالأسلحة الملحق بمسند الظهر للكرسي الأمامي في السيارة، كما ابتكر محولاً يعمل على فصل الأضواء الخلفية حتى لا تتمكن الشرطة من تعقب السيارة أثناء المطاردات الليلية بالإضافة إلى الأسلحة التي يستخدمونها
Mafia Gun) اسم شاع استخدامه وكان يطلق على صنف من البنادق ظل يستخدمها أفراد المافيا لفترة طويلة، كان هذا السلاح ابتكاراً فريداً يتكون من يد صغيرة عريضة وماسورة يبلغ طولها 35سم ذات طرف سفلي حاد جداً بحيث يمكن استخدامه كسكين، ولهذه البندقية مفصل مثبت بين اليد والماسورة بحيث يمكن ثنيها ناحية اليد وبذلك تصبح البندقية صغيرة الحجم بالإمكان حملها داخل الجاكت.
ويعد السلاح التقليدي لمافيا صقلية وانتقل معها إلى أمريكا لفاعليته الكبيرة في القتل أو الطعن بالرغم من بدائيته، ومع تطور المافيا الحديثة ظهرت العديد من وسائل القتل الحديثة مما قلل من فاعلية واستخدام هذا السلاح وإن كانت المافيا ما زالت تعتز بنسبه إليها كواحد من أفضل ابتكاراتها في مجال الأسلحة على الإطلاق.
*- إشارة الموت:
شاهدنا في العمل الخالد العرّاب الكيفية التي قبّل بها النجم آل باتشينو أخاه فريدو حيث كان حينها قد عقد النية على أن يقتله بعد ذلك، قد يبدو هذا الفعل غريباً ولكن العجيب هو كون هذه القبلة أحد سمات المافيا التاريخية، فقبلة الموت – كما تسمى – كانت أمراً متعارفاً عليه بين رجالات المافيا الصقلّية، فإذا قبّل رجل المافيا أحد ما بشكل معين فهذا يعني بأن اغتياله مسألة وقت ليس إلا، وقد ظل هذا العرف سائداً حتى كان تغييره على يد زعيم المافيا الثائر دوماً على التقاليد لاكي لوسيانو والذي أمر رجاله بعدم استخدام هذه الإشارة، كما نهاهم عن تقبيل بعضهم البعض عند المصافحة مخافة أن يلقي ذلك الرعب في قلوب زملائهم ممن تطبّعوا على أسلوب المافيا القديمة ودرجوا عليه.
*- الاغتيال:
على الرغم من جرائم المافيا البشعة وعددها الضخم إلا أن من المدهش والعجيب أن المنظمة لم تتصف أبدأً بالغدر بضحاياها، فكانت الطلقة غالباً تأتي أمام أعين الضحية وفي ظهره عند هروبه، وقد يسبقها حديث أو إطلاق عبارة ما حتى أن (ويلي موريتي) كان مبالغاً بعض الشيء بحديثه المطول مع الضحية حتى أتصف بالرحيم
ولكن في المقابل أعداء المافيا لم يتصفوا بهذا الشيء فكان رجال المافيا غالباً ما يلقون مصرعهم برصاصات غادرة توجه لهم من الخلف بشكل خاطف..
*- الأماكن المفضلة لرجال المافيا :
وكانت الشوارع الضيقة ومحطات القطار والمطاعم تمثل الأماكن المفضلة لهم، فـ(كارمين جالانتي) تمت دعوته لتناول الغداء في بروكلين بمطعم إيطالي وفي لحظات ظهر عدد من الرجال المقنعين ليغتالوه وحارسه الشخصي، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على ما يتمتع به أعضاء المافيا من هيبة وشراسة ترهب من ينوي اغتيالهم، بالإضافة إلى تميزهم بسرعة التقاط المسدس وتسديد الطلقات بدقة شديدة مما يقلل من فرص النجاح في مهمة اغتيالهم
*- السيطرة :
تميزت المافيا بسيطرتها الواسعة وتمكنها من بسط نفوذها على نطاق واسع ليشمل جميع العصابات المنافسة أياً كان عدها وعتادها، فعصابات الزنوج على سبيل المثال التي تتكاثر غالباً في منطقة هارلم في ولاية نيويورك استطاعت المافيا أن تتصدى لها وتقف عائقاً أمامها، من خلال تعطيلها الدائم لنشاطاتهم الإجرامية ما لم يلتزموا بدفع إتاوات ونسب معينة عن كل عملية يقومون بها، ويذكر أن قائد جماعة هارلم الشهير ريموند ماركيز كان يدفع نسبة 15% لعائلة (جينوفيز) وكانت هذه النسبة مجاملة له نظراً لعلاقة أبيه السابقة برجالات المافيا وعمله لصالحهم إلى أن لقي حتفه.
ولم يذكر أن عصابة قد تمردت على قوانين المافيا بشكل علني سوى ما أقدم عليه عصابة من الزنوج عام 1930 باستحواذهم على بعض مناطق نيويورك واغتنام الأموال هناك ومن ثم رفضهم لدفع الجزية إلى رجال المافيا فانقلبت تلك المناطق إلى مجازر علنية .. حيث اقتحمها رجال المافيا بقيادة الزعيم الدموي )دستن شولتز) بالرشاشات والمسدسات والأسلحة البيضاء واستطاع أن يعيد للمنطقة انضباطها وينهي التمرد في وقت قصير، ومنذ ذلك الحين تسبب هذا العصيان إلى اختلال في موازين الثقة بين رجالات المافيا والزنوج.
وسرت شائعة في ذلك الحين تقول بأن عصابة الزنوج المشئومة إياها لم تقم بأعمال يمكن تصنفيها كتمرد، لكن بعض قادتها كانوا يدّعون ذلك للتفاخر والتباهي بين جماعات السود الأخرى وما كان رد أحد زعماء المافيا حول هذه الشائعة ذلك سوى أن قال: (إذاً وجب تلقينهم درساً في عدم التفكير بعصيان العائلة).
*- المافيا والمخدرات :
شكلت المخدرات لرجالات المافيا أحد أهم العوامل في دعمهم لإحراز المزيد من العائدات المادية والأرباح ومن ثم الإمساك بزمام السلطة في العديد من الولايات وبسط النفوذ فيها، فكانت ما تدره المخدرات من أموال كافياً لأن يغطي نفقات المنظمة الباهظة إضافة إلى رشوة رجال الأمن والسياسيين ودعم نفوذ المافيا في أوساطهم، وحسب ما ورد في بعض الوثائق التي تسربت من إلFBI إثبات لتورط عدد من رجال المافيا في نيويورك بصفقات ضخمة أدرت عليهم مليارات الدولارات خلال عام واحد فقط وتم احتواء الأمر ومنع انتشاره إعلامياً.
والغريب في الأمر أن جو بنانو والذي كان يلقب نفسه بـ(رجل الشرف) دارت حوله الشكوك بتورطه في الاتجار بالمخدرات رغم نفيه لذلك في مذكراته بعد أن اعتقل نائبه كارمين جالانتي بتهمة الترويج مع عدد من رجاله.
وعلى الجانب الآخر هناك عائلة لاكي لوسيانو والتي تورطت إلى حد بعيد بالمتاجرة بالمخدر بأنواعه، وكان قائد حرسه فرانك كوستيللو قد أعلن لأكثر من مرة في اجتماعات الزعماء عن ضرورة تجنب تجارة المخدرات وما قد تجلبه من متاعب لرجال المافيا مستقبلاً من تأليب للرأي العام وفقدان لمؤازرة البوليس وحمايته لهم، وبينما كان فيتو جينوفيز مؤيداً كبيراً له انتهى به الأمر أن اعتقل ومات في السجن بتهمة الاتجار بالمخدرات..!
كما أعلن رسمياً أن من اعتقل من عائلة جينوفيز بنفس التهمة يصل عددهم إلى قرابة الـ 478 شخصاً بالإضافة إلى نسب مقاربة في العائلات الأخرى
*- المافيا وهوليود:
إبان حقبة العشرينات من القرن الماضي وأثناء تزعم آل كابوني لمافيا شيكاغو، استطاع بعض رجاله بمساندة بعض الوسطاء أمثال ويلي بيوف وجورج بروني من التحكم بإدارة الإتحاد الدولي للسينمائيين مما عاد عليهم بثروة طائلة، وخلال فترة انتخابات رئاسة الإتحاد نجح زعماء المافيا في دفع جورج بروني إلى مقعد الرئاسة مما مكنهم من فرض إتاوات على كبرى شركات التوزيع في ذلك الحين أمثال فوكس وبار اماونت وكانت تصل في بعض الأحيان إلى ما يزيد على 50 ألف دولار سنوياً إلى جانب ابتزاز أموال الاتحاد وتقاضي نسب معينة من أجور النجوم.
وقد دعا هذا الابتزاز السافر إلى موجة من التذمر من قبل أعضاء الاتحاد ومن ثم إلى إضراب عام مما جعل الصحف تسلط الضوء على هذه الاتهامات، وأدى هذا إلى مثول بروني وبيوف أمام المحكمة – عام 1941 – وأدركا أن أمامهم سنوات طوال يقضونها خلف القضبان، فأفشيا أسرار تورط رجال مافيا شيكاغو مما أدى إلى سلسلة من الاعتقالات أطاحت برؤوس كبيرة أمثال فرانك نيتي – خليفة كابوني – وجوني روزيللي وتشارلز كوفمان فحكم على كل منهم بعشر سنوات، وبعد هذه الحادثة بدأت قبضة المافيا على صناعة السينما تضعف حتى تلاشت تقريباً.
وحين نتطرق إلى علاقة المافيا بالمشاهير لعل ما سيخطر على البال فوراً المطرب الشهير (فرانك سيناترا) نجم لم تفلح جميع التحريات والتحقيقات في إدانته بأي تهمة وجهت له رغم خوضه في وحل المافيا إلى حد كبير، ويعود الفضل في ذلك إلى علاقاته الكبيرة بزعماء المنظمة وما تربطه بهم من علاقة مصالح .. إضافة إلى ما تضفيه ديانته اليهودية من حصانة والتي ضمنت له مساندة اللوبي اليهودي المتغلغل في القيادات والمناصب العليا.
وقد افتضحت العلاقة المشبوهة بعثور البوليس الإيطالي على سيجار من الذهب أثناء تحقيق مع زعيم المافيا لوسيانو عام 1946، خط عليه عبارة (( إلى العزيز لاكي .. إهداء من الصديق المخلص فرانك سيناترا).
ومع المزيد من التحقيقات ثبت وجود علاقة تربط سيناترا بالعديد من الزعماء الآخرين أمثال آل كابوني .. ماير لانسكي .. ويلي مورتي .. جوني روزيللي وغيرهم، ولم يشأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التصريح بها للصحافة في ظل عدم وجود دليل إدانة صريح بالإضافة إلى ما يتمتع به سيناترا من حصانة يهودية.
وكان ويلي موريتي زعيم مافيا نيوجيرسي من أقرب الزعماء إلى سيناترا حيث كان يمثل داعماً كبيراً له في بداياته، وساعده على الارتقاء من الغناء في المسارح الرخيصة والنوادي الليلية إلى كبرى القاعات والمسارح الشهيرة مع فرق موسيقية ذائعة الصيت، حتى سطع نجمه بظهور أغنيته الشهيرة All or Nothing at All وساعده موريتي في رواج هذا الأغنية بتعاقده مع أحد المسارح الشهيرة لغنائها في البرنامج اليومي مقابل أجر خيالي .. بل وتخطت أفضاله ذلك لتصل إلى التدخل لحل مشاكل فرانك العائلية.
ومع إصابة موريتي بمرض الزهري واعتلال قواه العقلية .. قطع سيناترا علاقته بصانع أمجاده وأراد طمس كل ما يربطه به، خصوصاً بعد أن تنكرت المافيا لموريتي وأخرجته من عضويتها خوفاً من إفشاء أسرارها، وسرعان ما وطد سيناترا علاقته بـ(سام جيانكانا) & (جوني روزيللي) كما قام بافتتاح فندق Sands بمدينة لاس فيغاس والدعاية له كاعتراف بجميل مالكه ماير لانسكي عليه .. مما جعل الفندق يشهد إقبالاً منقطع النظير
توفي فرانك سيناترا في الرابع عشر من شهر مايو 1998 في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا مصاباً بأشنع الأمراض فمن أمراض في القلب والكلى مروراً بسرطان المثانة وانتهاءً بالخرف .. لتطوى صفحة أحد أشهر من ربطتهم علاقات مشبوهة بالمافيا من النجوم
المافيا: عالم غريب تماما عن مجتمعنا الشرقي فعهدنا نحن الشرقيين بالجريمة لم يشهد تنظيما إجراميا تعدى حدود العصابة التقليدية ولا نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل لإن المافيا عالم أخر تماما نتمنى أن لاتصل إلينا
وكذلك فإن العصابة لا تمثل في جهاز المافيا إلا نواة في بنائه الضخم جداً قد يصل عدد أفرادها
إلى /500/فرد و أكثر .
والأخطر من ذلك إنه لم يستطع أي تنظيم إجرامي عرفناه أن يستمر سنين كما فعلت المافيا وطبعا من المعروف إن المافيا ليست تنظيما سريا بل استطاعت أن تفرض وجودها علنا وبعلم الجميع ولا يعني ذلك تجاهل السلطات عنها بقدر مايعني مدى قوة المافيا التي استطاعت أن تفرض نفوذها على بعض المدن الأمريكية بصورة مطلقه بالفعل مثلا نيويورك وشيكاغو.
*- جذور المافيا:
يرجع تاريخ ظهور المافيا إلى القرن الثالث عشر مع غزو الفرنسيين لأراضي صقليه في سنه
1282ميلادي بعد فساد نظام الحكم في فرنسا حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمه سريه لمكافحه الغزاة والتي كان شعارها:
((موت الفرنسيين هو صرخة ايطاليا)) فجاءت الكلمة من أول كل كلمه في هذا الشعار المذكور أعلاه…..
*- أماكن اغتيال الضحايا كيف وأين؟
كانت المطاعم تمثل فرصه كبيره لقتل أعضاء المافيا على يد أعدائهم حيث الانشغال بتناول الطعام وفرصه الإصابة من الخلف أثناء الجلوس وربما عدم تواجد الحارس الشخصي بوديغارد لذلك ارتبطت دائما جرائم قتل أعضاء المافيا بالمطاعم مما يجعلهم يحرصون دائما على حجز موائد جانبيه بحيث يستطيعون الجلوس وظهرهم لجهة الحائط.
*- أشهر عائلات المافيا في أمريكا:
1-لاكي لوشيانو
تشارلز لوشيانو الشهير بلوشيانو المحظوظ  ولد لوشيانو في ضواحي سيسلي بايطاليا وانتقل لأمريكا في سنه 1906 حيث أقام في بروكلين بنيويورك.
وكان أول نشاط إجرامي له هو السطو على المحلات وفي سنه 1907 تمكنت الشرطة من القبض عليه أثناء إحدى جرائم السرقة ودخل السجن وكانت هذه المرة الأولى التي يسجن فيها. خرج بعد ذلك لوشيانو من السجن وبدأ يمارس نشاطا إجراميا آخر ففرض الإتاوات على بعض طلاب المدارس اليهودية مقابل حمايته
لهم حتى لا يتعرضوا للأذى في طريقهم للمدرسة. وكان لا يرحم من لا يدفع له المبلغ المفروض فقد كان شديد البطش ممتلئ بالشراسة. وكان من ضمن هؤلاء الطلاب ذلك الفتى اليهودي العربيد الصغير الجسم البولندي الأصل ماير لانسكي الذي لم يخضع للوشيانو ولم يعبأ بشراسته ورفض دفع أيه نقود مما أثار دهشة لوشيانو وربما إعجابه به, وكان هذا هو اللقاء الأول الذي جمع بين لوشيانو ومايرلانسكي واللذان ظلا بعد ذلك صديقين حميمين لسنوات طويلة حتى رحل لوشيانو إلى ايطاليا حيث توفي بسبب أزمة قلبيه بمطار نابولي عام 1962.
2- أل كابوني
ولد آل كابوني في بروكلين بالولايات المتحدة وهو الابن الرابع ضمن تسعه أبناء لأب وأم ايطاليين, هاجرا
للولايات المتحدة من مدينه نابولي,والتحق كابوني بالمدارس الامريكيه, وواصل تعليمه حتى الصف السادس حيث تم فصله من الدراسة أثناء هذه السنة لشغبه المتكرر واعتدائه بالضرب على مدرسيه وفي أثناء هذه السنة أيضا بدأ كابوني رحلته مع الإجرام, وتعلم من خلال الشارع فنون السرقة والسطو على المحلات خاصة بعد أن انضم لعصابة من المراهقين المنحرفين بقياده احد المجرمين القدامى ويدعى جونى توريو  وهي صوره مصغره من عصابة (( الخمس النقط)) الشهيرة في ذلك الوقت والتي تخرج منها كابوني بعد ذلك.
وكان من أقرب أصدقاء كابوني سواء أثناء الدراسة أو من خلال العصابة هو الشاب النحيف الجسم
الذي أصبح بعد ذلك من أخطر المجرمين وهو لاكي لوشيانو والذي جمعت بينه وبين كابوني صداقه حميمة امتدت حتى نهاية العمر.
وكان يسمى آل كابوني ذو الندبة ,توفي بعدما أنهكه مرض الزهري الذي كان قد لحق به أثناء اشتغاله بالدعارة وذلك عام 1947م ومن أقوال كابوني : بالمسدس تحل كل المشاكل.
*- مذبحه يوم سانت فالانتين:
آثار المذبحة التي قام بها رجال كابوني في سنه 1929 حين حاولوا قتل الزعيم الايرلندي الإجرامي بوجز موران والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء. والتي وصفتها الحكومة الأمريكية  بأبشع عمل إجرامي قامت به المافيا  والذي دعاها إلى ضرورة التخلص من آل كابوني , وقد عرفت هذه المذبحة باسم
( يوم مذبحه سانت فالانتين).

مناطق توزع المافيا حول العالم

حاليا هناك عدة عائلات او اتحادات للمافيا فهناك:
1. المافيا الايطالية
2. المافيا اليابانية (ياكوزا)
3. المافيا الروسية
4.المافيا الصينية
5. المافيا الايرلندية
6. المافيا اليهودية ( و تعتبر من اسوء و اقذر المافيا)
اما بالنسبة للنشاطات فهي تختلف و تبدء من السرقة و الجباية ....... الى ان تصل الى الفنادق و الشركات العملاقة و السينما ايضا فهي قد دخلت بكل انواع الاعمال

أهم قوانين المافيا!

اهم هذه القوانين عدم التدخل فى حروب مخابراتية

او عمليات تجسس لأن ذلك يقودها بتأكديد الى حروب مع اجهزة المخابرات

وفى صراعات المخابرات ليس هناك قانون لة ثغرات يتم الهروب منها

القانون الثانى والذى لا يقل أهمية عما سبقة

عاقب الحرب العالمية الثانية سن مجلس العائلات قانون عسير

بحيث انه لو ثبت ان تورط احد كبار العئلات فى قتل احد كبار العائلات الاخرى

لا يمكن ان يكون زعيما بل ولا يبقى حتى رئيس لعائلاتة أذا كان رئيسا

أذ تتم تنحيتة وتصفية ممتلكاته

وتستولى العائلات الأخراى المحيطة به على كيانة كلة

وربما تم قتلة ايضا لو اتفق مجلس العائلات على ذلك

اما اذا كان القاتل ليس زعيما فيتم قتلة دون الرجوع الى مجلس العائلات

الأحد، 15 يناير 2012

المافيا والسياسة


نجد في الموسوعة الإلكترونية الحرة «ويكبيديا» أن تاريخ كلمة المافيا يرجع إلى القرن الثالث عشر مع الغزو الفرنسي لأراضي صقلية عام 1282م ، حيث تكونت في هذه الجزيرة منظمة سرية لمكافحة الغزاة الفرنسيين كان شعارها : Morte Alla Francia Italia Anelia ويعني (موت الفرنسيين هو صرخة إيطاليا) فجاءت كلمة مافيا MAFIA ) من أول حرف من كلمات الشعار..ويذكر بعض زعماء المافيا وعلى رأسهم جوبونانو بما لا يختلف مع التعريف السابق سوى في الدوافع ،أن بداية المافيا كانت تتويجاً للتمرد والعصيان الذي ظهر بصقلية عقب قيام أحد الغزاة الفرنسيين بخطف فتاة في ليلة زفافها ، يوم إثنين من عام 1282 م ، مما أشعل نار الإنتقام في صدور الإيطاليين والتي امتدت لهيبها من مدينة إلى أخرى ، فقاموا بقتل عدد كبير من الفرنسيين في ذلك الوقت إنتقاماً لشرفهم المذبوح في هذا اليوم المقدس لديهم ، وكان شعارهم في ذلك الوقت هو الصرخة الهستيرية التي صارت ترددها أم الفتاة وهي تجري وتبكي في الشوارع كالمجنونة، وهو ما جعل فرع المافيا بجزيرة صقلية بإيطاليا من أشهر فروع المافيا في العالم عبر التاريخ ، حيث كانت صقلية هي المهد والمنطلق، وهناك من يعود بتاريخ التأسيس إلى القرن السابع عشر حيث تشكلت مجموعة صقلية كمجموعة سرية تعارض حكام الجزيرة الإسبان، وبالتالي سواء تعلق الأمر بالغزاة الفرنسيين أو الإسبان فإن صقلية كانت هي المنطلق والدافع هو التحرر من الغزاة الأجانب ، ومع نهاية القرن التاسع عشر أضحت المافيا القوة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المسيطرة في غربي صقلية، وكانت في بادئ الأمر اختصت في أعمال الحماية والابتزاز في منطقة بالرمو وما حولها من مزارع الليمون والبرتقال ، وضمت بين طياتها بعض من أفراد الارستقراطية الحاكمة ، حيث انقسم المجتمع في بداية الدولة الإيطالية الناشئة إلى الساسة وأصحاب الأراضي ودخلت المافيا بين هذين الفريقين كما كانت المحرك للعديد من أفراد الحكومة ورجال الأعمال ، ويتبع أفرادها شفرة خاصة تسمى أومرتا تمنع إفادة الشرطة بالجريمة ، هذا هو ما تؤكده موسوعة ويكبيديا ومصادر أخرى.
بين التأسيس وأسباب التأسيس وكيف تطورت المافيا في كل ربوع الأرض ، جرت تغييرات عميقة وإتخذت المافيا طابعا محليا من بلد إلى آخر ، لكن ظلت البنية السرية والتنظيم المحكم والسعي إلى تحقيق مكاسب وغايات خارج القانون وذلك بالسيطرة على القضاء والإدارة والمال ، والتحكم في القرارات السياسية سواء عبر المشاركة المباشرة أو دعم مرشحين معينين ومن أحزاب مختلفة ، لكنهم جميعا يحتفظون بالولاء لقيادة المافيا ويخدمون مشاريعها ، بل إن المافيا تقدم سيولة مالية وعمولات كبيرة ، دون المرور بالأبناك وغيرها من وسائل التمويل الشرعية وحتى بدون ضمانات قانونية ، لأن المافيا لا تعترف بالقانون وقادرة على حماية مصالحها بقوة السلاح في المكان والزمان الذي تريده ، بل إن شبكات المافيا كانت عبارة عن مكاتب خلفية لعدد من أجهزة المخابرات الداخلية والخارجية في العديد من بلدان العالم ، وفي كثير من الأحيان كانت تلعب لمصالحها الخاصة وفي أحسنها كانت تلعب دورا مزدوجا ، ومع عولمة الإرهاب إزداد نشاط المافيا التي ترعى كل أنواع التجارة الممنوعة سواء تعلق الأمر بالرقيق أو الدعارة أو السلاح أو المخدرات ، فكانت المافيا هي من يدعم التوترات العسكرية والمسلحة في أكثر مناطق العالم سخونة ، وذلك عندما تكون الحكومات ذات المصالح محرجة أو أنها تحت الأضواء الكاشفة.
إن أسوء ما يمكن أن يقع في بلد معين هو أن تنتقل المافيا من الضغط لتحقيق مصالحها أو ترقية مشاريعها وبعضا من أفرادها ، إلى مستوى أخطر يتعلق بالتحكم في مؤسسات الدولة وبالتالي في سيادتها ، هذا النوع من المافيا والاختيار لا يمر سوى عبر الانتخابات ، حيث نلاحظ منذ سنوات أن المشهد السياسي المغربي مثلا أصبح رهينا بعملية فساد مالي كبيرة جدا ، والجميع في المجالس المغلقة وفي الفضاء العمومي يتحدث عن ملايير الدراهم التي يتم صرفها بمناسبة الانتخابات ، حيث أصبحت الانتخابات أحدث صيحات تبييض الأموال خاصة أموال المخدرات .
في هذا السياق يقول الخبير الأمريكي ديفيد غوتيليس من جمعية «إيشتراك» للاستشارات حسب ما نشرته الصحافة سنة 2009 ، خلال جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية حول إفريقيا بمجلس الشيوخ، أن أباطرة المخدرات في أمريكا اللاتينية يستعملون إفريقيا، منذ خمس سنوات، كممر لتهريب المخدرات إلى أوروبا. وأضاف أن «الطلب الأوروبي المتزايد والفعالية الكبيرة التي أبان عنها أباطرة المخدرات بأمريكا اللاتينية في نقل المخدرات إلى وعبر موانئ في غرب إفريقيا أدت إلى تصاعد عمليات التهريب من حيث القيمة والحجم ، وجدد هذا الخبير تحذيره من أن عمليات التهريب هذه تشكل «التهديد الأكبر للاستقرار الإقليمي» بل وأكثر من التهديد الذي قد تشكله بعض التنظيمات المتطرفة...
عادل بن حمزة

أحدث وسائل الاغتيال في المافيا


أحدث أساليب المافيا..
مسدس .. على شكل هاتــــــــــف




أوقفت الشرطة الإيطالية شابا في الثامنة والعشرين من عمره في أحد ضواحي مدينة نابولي أثناء أحد المداهمات لأماكن عصابات المافيا، ولكنها تفاجأت عند تفتيشه بوجود هاتف يبدو كما لو كان لعبة. وعند فحصه اكتشفوا أن هذا الهاتف في الحقيقة عبارة عن مسدس.


يستطيع هذا الهاتف المسدس أن يحمل 4 رصاصات ويعمل الهوائي كفوهة للمسدس ويستخدم أزرار الأرقام لإطلاق الرصاص. 
وأشار المتحدث باسم الشرطة إلى أنها المرة الأولى التي يُكتشف فيها سلاح بهذا الشكل، وهو ما يظهر مدى تطور عصابات الجريمة المنظمة. وفتحت الشرطة تحقيقا لمعرفة فيما إذا كان قد استخدم هذا السلاح من قبل.

مافيا الانترنت

تزوير معلومات.. إتلاف بيانات.. نصب واحتيال وقريباً غسيل الأموال على الإنترنت

الإنترنت بوابة بلا حراس.. بل ساحة إجرام تتحدى الأجهزة الأمنية بثغرات قانونية ضخمة، ما أتاح الفرصة لمافيا الجرائم الإلكترونية التجول خلالها دون رقيب أو حسيب وتمكن السرية والخصوصية التى تنطوى عليها لغة الكمبيوتر اللصوص من نقل المعلومات الخطرة والمحظورة سواء معلومات مخابراتية أو خطط تخريبية أو صور سرية بمجرد الضغط على زر لوحة المفاتيح بدون أدنى مجهود وبدون الخوف من العقاب.
يؤكد الخبراء أن الجرائم الإلكترونية تزداد كلما توغل العالم فى استخدام الإنترنت وقد حققت هذه الجرائم خسائر فادحة للاقتصاد الأمريكى قدرت بـ 250مليار دولار سنوياً ولم ينج العالم العربى من الجرائم الإلكترونية وإن كانت خسائره ليست على المستوى نفسها.
ومـازال جميع أساتذة القانون على مستوى العالم عاجزين عن إصدار تشريع يحظر الجرائم الإلكترونية.. خاصة وأن أدلة إثبات الجريمة يصعب التوصل إليها.. والسطور التالية تناقش أشكال الجريمة الإلكترونية ومخاطرها وطرق الوقاية منها.
الواقع أن الجريمة الإلكترونية تضم أشكالاً متعددة ومتنوعة يصعب حصرها وهى تزداد كلما توغل العالم فى استخدام الحاسب الآلى وشبكة الإنترنت.. يمكن تقسيم الجريمة الإلكترونية إلى 4مجموعات اولها:
@ الجرائم التى تتمثل فى استغلال البيانات المخزنة على الكمبيوتر بشكل غير قانوني. وثانيها الجرائم التى يتم من خلالها اختراق الكمبيوتر لتدمير البرامج والبيانات الموجودة فى الملفات المخزنة فيه وهى تضم الفيروسات الإلكترونية. وثالثها جرائم استخدام الكمبيوتر لتخطيط جريمة معينة. ورابعها جرائم استخدام الكمبيوتر بشكل غير قانوني من قبل الأفراد المرخص لهم باستعماله.
ويمكن أيضاً تقسيم المجرم الإلكتروني إلى 3مجموعات:
أولاً: الموظفون العاملون بمراكز الكمبيوتر وهم يمثلون الغالبية العظمى من مرتكبي الجرائم.
ثانياً: الموظفون الساخطون على مؤسساتهم فيقومون باستخدام الكمبيوتر لمسح بعض المعلومات الخاصة بالشركة.
ثالثاً: الهاكرز Hackers أو كراكرز Crackers الذين يستغلون الكمبيوتر من أجل التسلية ولكن بشكل غير قانوني.
تصور غير واضح
فى الوقت الذى تسعى فيه الشركات لاستخدام شبكة الإنترنت لتحقيق المزيد من الأرباح المشروعة.. نجد جماعات الجريمة المنظمة يسعون لاستخدامها لتنفيذ عمليات غير مشروعة.. ولعل التطور المستمر للإنترنت وتوفر السرية التامة جعلا من الإنترنت جهازاً مثالياً لتنفيذ العديد من الجرائم بعيداً عن أعين الجهات الأمنية.. فمازالت الأجهزة القضائية وأساتذة القانون فى العالم عاجزين عن الخروج بتصور واضح عن الجريمة الإلكترونية.
مما لا شك فيه أن حنكة ومهارة مجموعات الجريمة المنظمة ازدادت خلال السنوات القليلة الماضية ونجحت فى ابتكار العديد من الوسائل للقيام بعمليات الاحتيال والسرقـة بدقة فائقة وأبـرز مثال على ذلك ما حدث فى أكتوبر عام 2000فى بنك صقلية حيث ابتكرت مجموعة مكونة من 20شخصاً بمساعدة أحد موظفى البنك، نسخة رقمية طبق الأصل لنظام اتصال البنك بشبكة الإنترنت، تم استخدامها لسرقة 400مليار دولار من البنك ولكن باءت المحاولة بالفشل عندما اعترف أحد الأشخاص على المجموعة.
وفى سويسرا استخدمت إحدى جماعات الجريمة المنظمة بطاقات شبكات أنظمة الكمبيوتر لشركات الاتصالات اللاسلكية وتم اختراق تلك الأنظمة وتمكنت القوات الأمنية من إلقاء القبض على هذه المجموعة.
وتعد فيروسات الكمبيوتر أحد أشكال الجريمة الإلكترونية ومنها ما حدث عام 2000عندما تمكنت مجموعة من الشباب من نشر فيروس "بقة الحب" على أجهزة الكمبيوتر الخاصة ببنك يونيون بنك أوف سويتزرلاند ومصرفين آخرين فى الولايات المتحدة بهدف الوصول للأرقام الخاصة بمواقعها على شبكة الإنترنت.
وفى سبتمبر 1999تمكنت جماعة عرفت باسم "أساتذة الهاتف" المقيمة فى الولايات المتحدة من الحصول على آلاف بطاقات اجراء المخابرات الهاتفية من شركة Spring و تم بيعها.. ويتوقع خبراء الإنترنت استخدامه فى السنوات القادمة فى غسيل الأموال عن طريق إصدار الفواتير الزائدة أو الناقصة عن الأسعار الحقيقية.
يؤكد الخبراء الاقتصاديون أن المنطقة العربية ستتعرض إلى أزمة خطيرة فى الأعوام القليلة القادمة بسبب الإحجام عن استخدام الشبكات لتفعيل التجارة الإلكترونية بين الدول العربية والأوروبية المتقدمة.. هذا الإحجام لم يكن وليد الصدفة فقد ساهمت الجرائم الإلكترونية وانتشار أشكالها خاصة مع تكرار سرقات كروت الائتمان فى إضفاء حالة من الرعب على المؤسسات الاقتصادية الضخمة وبدلاً من معالجة الأخطاء، اكتفى الجميع بالجلوس فى أماكنهم!!
وتجدر الإشارة أن مصر كانت من أوائل الدول الحريصة على محاربة الجرائم الإلكترونية، حيث قامت وزارة الداخلية بإنشاء إدارة خاصة لمكافحة جرائم شبكات الحاسبات والنظم المعلوماتية وتختص الإدارة بالمتابعة اليومية للشبكات العاملة لضبط الحالات الخارجة عن القانون.. وحسبما أكد المسئولون أن الإجراءات تتخذ فوراً تجاه المخالفين ويتم تدمير المواقع إذا ثبت إضرارها بمصلحة الأمن القومى أو الآداب العامة.
وعن طرق الوقاية ومكافحة الجريمة الإلكترونية يقول سعيد على المداح خبير الحاسبات ونظم المعلومات بمعهد التخطيط القومى: لا شك أن الجرائم المتعلقة بالشبكات الإلكترونية عندما ترتبط بالجريمة المنظمة يكون من الصعب مواجهتها لذلك للقضاء عليها لابد من إعطاء الحماية للمعلومات الشخصية عند معالجة البيانات الإلكترونية وفقاً للمبادئ التى حددتها معاهدة المجلس الأوروبي فى 28يناير 1981مع ضرورة تطبيق برامج أكثر تشدداً ضد غسيل الأموال لتحقيق شفافية أكبر فى الأنشطة المالية الدولية. كذلك لابد من التقارب بين قوانين الدول المعنية بإصدار التشريعات الرادعة فى هذا المجال مع ضمان تعاون أفضل بين الهيئات القضائية وأجهزة الشرطة.
لابد من التقارب بين قوانين الدول المعنية بإصدار التشريعات الرادعة فى هذا المجال مع ضمان تعاون أفضل بين الهيئات القضائية وأجهزة الشرطة.
يُشير سعيد المداح إلى أن: ندوة حماية الخصوصية من الجرائم الإلكترونية التى عقدت بالقاهرة الشهر الماضى أكدت أن العالم يواجه خطراً داهماً من تزايد انتشار هذا النوع من الجرائم والتى تقوم على سرقة أسرار ومعلومات الأفراد والشركات والبنوك وقد أصبحت هذه الجرائم تمثل تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي وأكدت الندوة على أن الجريمة الإلكترونية يصعب اكتشافها أثناء حدوثها لأنها سرية وسريعة ومجهولة المصدر خاصة فى حالة قيام شخص من خارج حدود الدولة بارتكابها.

الحماية الفكرية للبرامج
اتبعت شركة مايكروسوفت خطـوات رائـدة لتحقيـق الحمايـة الفكرية لبرامجها.. من أهمها تقنية حماية البرامج Product Actuation بهـدف تقليل قرصنة البرامج خاصة ما يعرف بـ Casual Copying أو Soft Lifting . وهذه التقنية لا تحتاج أي بيانات شخصية إضافية من المستخدم وهى تحتاج لبيانات معينة مثل رقم هوية التحميل ورقم هوية المنتج وبعض البيانات الأخرى.
يضيف الدكتور "ياسر دكرورى" أستاذ هندسة الحسابات والنظم المعلوماتية بجامعة القاهرة أن مشكلة الجرائم الإلكترونية تنتشر بمعدلات مخيفة فى الدول المتقدمة نظراً لارتفاع تعاملاتهم مع شبكات المعلومات بالإضافة إلى التوسع فى استخـدام التجـارة الإلكترونية .. أما الوطن العربى فالمشكلة فيه لم تصل إلى الذروة خصوصاً وأن معظم الحـالات التى تم ضبطها فردية ومع هذا لم نستطع القول إن أنظمتنا آمنة، فالعلم كل يوم فى تقدم وهذا التقدم يحتاج إلى تطوير الآليات وتجديد البرامج التكنولوجية لمواجهة المخاطر واحتمالاتها.
يرى الدكتور "ياسر دكروري" أن المشكلـة الأساسية التي تواجه المجتمعات العربية وتقدمها هى أزمة الثقة ولتفادي حدوثها فى المستقبل ينبغي علينا الآن الاهتمام بنشر الوعي الثقافي وتدعيمه بالنظم التكنولوجية.. كذلك إعداد برامج لتأمين الشبكات وتجدر الإشارة أن بعض الشركات العربية نجحت فى الفترة الأخيرة من إعداد برامج متقدمة فى نظم التأمين.. أما الجانب الأكبر فيقع على عاتق القانون، فقد بات واضحاً أمام الجميع أهمية من عدد من القوانين لتقنين عمليات التحايل وذلك بالسجن أو بالغرامة.
يؤكد سامح منتصر متخصص فى مجال البرمجيات أن إحصاءات العام الماضى سجلت انخفاضاً ملحوظاً فى هذا النوع من الجرائم ويرجع الأصل فى ذلك إلى النجاح الذى حققته بعض الشركات نتيجة تأمين مواقعها على الشبكة، خاصة بعد انتشار جرائم سرقة البنوك واقتحام نظم المعلومات فى الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية .. مع هذا فنحن نؤكد أن وسائل الاحتيال محدودة حتى الآن فى العالم العربى، لكنها بصدد الانتشار خلال المرحلة القادمة وذلك بتزايد المتعاملين على الشبكات الإلكترونية.
وعلى الرغم من دخول مصر في عالم الثورة التكنولوجية، واستخدام البعض لنظام الفيزا العالمية إلا أن نقص الوعي عند مستخدمي هذه البطاقات يعرضهم لكثير من المشكلات وبالتالى نحن فى حاجة ماسة إلى تحديث نظم كروت وبطاقات الائتمان.
وعلى الجانب الآخر والكلام لايزال على لسان صاحبه "سامح منتصر" فإن الظروف التى يعانيها العالم العربى تضع المسئولية على هؤلاء الشباب لتفعيل إمكانيتهم وتطويرها لمواجهة الغزو الأمريكى والأوروبى لمجتمعاتنا.
ويؤكد الدكتور "خليل حسن" رئيس شعبة الحاسبات بالغرفة التجارية أن أشكال الجرائم الإلكترونية متعددة .. إلا أن أكثرها انتشاراً هى الجرائم الأخلاقية حيث تسببت مواقع "الشاتنج" فى ارتفاع حالات الطلاق بالإضافة إلى ترويج بعض الشباب لعبارات تحمل معاني منافية للآداب العامة .
ويتطابق الحال نفسه على جرائم اقتحام شبكات البنوك والشركات الكبرى والتى تسببت إلى إحداث خسائر عديدة لأصحابها.
ولأن الشباب هم المستقبل المشرق للوطن العربي نناشد جميع الهيئات المسئولة بدءاً من وزارات التعليم بالتعاون مع وزارات الإعلام والاتصالات فى الدول العربية لإعداد حملة موسعة لنشر الوعي الثقافي بين هؤلاء الشباب من الجنسين وتوفير عدد من البرامج التدريبية لتفعيل استخداماتهم لشبكة الإنترنت فى مجال يعود بالنفع عليهم وعلى أمتهم.

المافيا وصقلية التاريخ المشترك


لتاسع والعشرون من تشرين أول أكتوبر من عام ثلاثة وأربعون. شهدت المافيا انبعاثا قويا منذ اجتياح صقلية، ما سيترك أثرا كبيرا على الحاضر والمستقبل.
أصبحت المافيا الآن في وضع يمكنها من المطالبة. لقد انطلقت مرحلة من المقايضة..
تتمنى الارتباط بنوع من الوفاء والسرية إلى السياسة..
ما أن يتم الاتفاق على مسألة ما هنا لا يمكن التراجع عنها.
لم يكن للمافيا أي صلة على الإطلاق باجتياح صقلية. وأتحدى أي شخص كان ينجح في الحصول على الإثباتات.
استخدمنا المافيا بالطريقة التي كانوا يحاولون بها استخدامنا.
ما هو الخيار الذي تملكه؟ أي شيء يمكن أن تستغله على أمل الدفاع عن أمريكا ودعم ما تفعله وما يمكن أ، تفعله.
منذ الحرب العالمية الثانية قامت منظمة إجرامية بقتل آلاف الأشخاص في صقلية.
ولكن قبل خمسين عاما وخلال الحرب العالمية الثانية قامت الولايات المتحدة بالتحالف مع المافيا سرا.
هذه هي قصة المعاهدة التي بين الولايات المتحدة والمافيا.
=-=-=-=-=
خلال خمسين عاما أصبحت الفوضى تعم صقلية. ينتشر الجنود في شوارع باليرمو، لأن القضاة والزعماء السياسيون يخافون على حياتهم من انتقام المافيا.
على رأس لائحة المافيا السوداء ليولوكا أورلاندو، زعيم المعارضة الشعبية الذي يصر على التخلص من المافيا المتسلطة على صقلية.
لقد شاهد زملاءه يقتلون الواحد بعد الآخر.
أريد أن يعرف العالم بأن الضحية الأولى للمافيا هو المواطن في صقلية.. فهو الذي يدفع أغلى ثمن لمنظمة المافيا لا تنسوا ذلك.
أريد  أن أقول لأمريكا أنها لها مسئولة كبرى في تقوية المافيا. لهذا السبب أريد أن أوجه دعوة للأمريكيين كي يدرسوا تاريخهم. لأن تاريخكم هو تاريخنا.
أصبح مجتمع صقلية يؤمن بالخرافات، وقد اعتاد على الموت لدرجة أنه حوله إلى نوع من المعتقد. والعمل بهذا الهاجس مستمر  في السراديب الواقعة تحت باليرمو. لا تتوقف المافيا عن قتل أولئك الذين يقفون في طريقها. والقتل بالنسبة لها مسألة شرف. وفق هذه المعايير المنحرفة، جرى بناء الإمبراطورية السرية.
مذيع: قبل سبعين عاما من اليوم دمرت المافيا بالكامل، على يد رجل دعى إلى مواجهة القوة بالقوة.
في أيار مايو من عام أربعة وعشرين، قام بينيتو موسوليني بأول جولة رسمية له في هذه الجزيرة المستقلة. جاء إلى هناك وهو يحلم بتوحيد إيطاليا فوجد أن المافيا تعترض طريقه. وقفت المافيا مسلحة بالفخر والاعتزاز عقبة في طريق طموحه بالسلطة الكاملة. فأمر قبضته الحديدية سيزار ماوري بأن يشن حملات القمع. حصل ماوري من خلال الأوامر الفاشية الجديدة على حرية كاملة في الحركة. في سبيل إخضاع المافيا اتبع شعار بسيط يقول: للقضاء على المافيا يجب أن يتصرف بقسوة أشد منها.
نشر ماوري شبكة واسعة النطاق للقبض على المافيا في عقر دارها في صقلية. وقد اتبع في ذلك أسلوب ريتاتا، أي عملية تطهير جماعية. عند قمة الحملة في كانون الثاني يناير من عام ستة وعشرين، جرت العملية الكبرى في منطقة مادونيا الجبلية.
جاء ماوري إلى بلدة المافيا الشهيرة غانجي.
رجل: كنا صغار بعد، يمكن أن نقول بأن البلدة بكاملها أخضعت لحصار كامل، وكانت تعج برجال الشرطة والفاشيون.
وكانوا يوقفون الناس الذين يقولون.. ها هي الشرطة أنظر ماذا يجري!
أين كانت الشرطة؟
 في جميع أرجاء القرية. في المنازل وفي المناطق الريفية المجاورة.
لا يسمح لأحد أن يدخل القرية أو يغادرها. كانت تعتقل عائلة بكاملها حتى يخرج زعماء المافيا من مخابئهم.
اعتقل جميع الأقارب لإلقاء القبض على أولئك المجرمين. ثم قاموا بضرب السجناء في مركز القيادة. وعذبوهم كي يدلوا بالاعترافات.
كانوا يجبرونهم على شرب الماء المالح ليدفعونهم إلى الكلام. إنها تلسع. اعتقلوا الكثير من الناس. ثم أرسلوهم إلى الأشغال الشاقة لخمسة سنوات، سواء كانوا مذنبين أم لا.
كان ماوري يدخل جميع القرى والبلدات في غرب صقلية، ليسمعه الناس وهو يدين أعمال المافيا الشريرة حيثما ذهب.
وصل مجموع من اعتقلهم ماوري في صقلية إلى أحد عشر ألف شخص.
ضربت حملة موسوليني المافيا بجميع مستوياتها. بما في ذلك الشخصيات التي لم يسبق لها أن تعرضت للاتهامات وهي في أعلى البنية الإجرامية للمافيا.
وكان دون كالدورو فيشيني واحد منهم. إذ كان زعيما قويا، ينمو بسرعة هائلة في أوساط المافيا. أما قاعدته الأساسية فكانت قرية فيلالبا الواقعة في وسط صقلية. حيث كان يعرف هنا باسم دون كالو.
كان الجميع يطيعونه بسهوله، كما يخافه العدو والصديق على حد سواء. وكان من حيث المظهر يبدو كشخصية قروية أنيقة وبارزة، لا يتفوه بالعبارات البذيئة، ويكثر من الصلاة مع شقيقه المتدين.  أما في الواقع فكان واحدا من أسوأ المجرمين الذين عرفتهم صقلية على الإطلاق.
مذيع: ولكن حتى دون كالو فيشيني لم  من  عدالة ماوري القاسية. فقد أعتقل أولا، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في بلدته. وجرى اعتقال زعيم مؤثر آخر في المنطقة المجاورة هو دون غيسيبي جينكو روسو، الذي سجن لمدة ثلاث سنوات بسبب جرائم المافيا.
وتحولت حملة موسوليني إلى نبأ عالمي، الرجل الذي ثبت مواعيد القطارات تجرأ الآن على ضرب المافيا والانتصار عليها. صفقت التايمز لموسوليني على مهاجمته الوحش الكاسر في وكره والنجاح بخنقه في مهده. وفي نيويورك أعلنت عناوين الصحف بأن المافيا قد ماتت لتفسح المجال لولادة صقلية جديدة.
والحقيقة أن المافيا لم تتحطم بالكامل، إلا أن عددا من رجالها أودعوا السجن. بينما كان البعض يخفض رأسه مختبئا وسط قرى معزولة في أعالي الجبال.
ضربة موسوليني أضعفت المافيا بشكل لم تشهده من قبل.
يوم العاشر من حزيران يونيو من عام أربعين، دخلت إيطاليا الحرب، فكان ذلك أول نذير بتراجعها. إذ حصد موسوليني منها الهزيمة. ولكن على مسافة أربعة آلاف ميل، شهدت المافيا بصيص أمل كانت بأمس الحاجة إليه.
الولايات المتحدة عام أربعين؟ كانت الأضواء مشتعلة، وبروكلين تتمتع بفريق جيد، وكان الحصاد وافرا في ولايات الحبوب، والسيارات تتزايد في كل مكان..
اعتبرت الولايات المتحدة لأجيال من الإيطاليين أراضي الوفرة والعطاء. عام أربعين هاجر أكثر من نصف مليون مواطن من أبناء صقلية إلى الولايات المتحدة لبناء حياة جديدة هناك. ولكن المافيا جاءت معهم لتجد مكانا لها بين كبرى النقابات الإجرامية هناك، والتي يعرف المواطن أنها تدمر الأسس الأخلاقية لأمريكا.
خلال العامين الماضيين وصلت العصابات الإجرامية إلى مستوى سيطر فيه الرعب والخوف على المواطن في جميع أرجاء البلاد. انتقل فيها الخارجون عن القانون من ولاية إلى أخرى مثل قطعان الذئاب المسلحة التي تجتاح أمريكا.
لا توجد عقوبة قاسية مهما عظم شأنها على هؤلاء المجرمين، إنهم يستحقون أعمدة المشانق وأكثر.
لا أخاف من الكلام، أنا مستعد للقيام بكل ما أستطيع لمساعدة الشرطة الفدرالية على وضع هؤلاء المسلحين خلف القضبان، حيث يستحقون فعلا.
ضعوا هؤلاء المجرمين خلف جدران السجون. من المؤسف جدا أن نجبر أيضا على دفع المال لمساعدتهم. سيبعث التخلص منهم على مزيد من الراحة والرضى.
كان هناك حرب على الجريمة في أمريكا كما وفي صقلية .
كلما أصاب الرصاص جسم عدو فعلي لأحد أعداء المجتمع، كلما قلت أعمال القتل والخطف.
وكان عدو المجتمع رقم واحد في مدينة نيويورك، وزعيم المافيا الرئيسي في أمريكا هو سلفاتوري لوكانيا، الذي ولد في وسط صقلية. تعود جذوره إلى موطن المافيا التي هاجمها ماوري. وهو يعرف اليوم في نيويورك بلقب شارلز لوكي، لوشيانو.
كما تنعته الصحافة أيضا بلقب: عبقري الرذيلة المنظمة. فهو بمحكوم بتهمة إدارة مجموعة من علب الليل والتجارة بالرقيق، علما أن السلطات تعرف بأن ذنبه أعمق من ذلك، إذ كان لوشيانو عرّابا لأكثر العصابات وحشية في مدينة نيويورك.
أرشيف: نقدم لكم الآن برنامج جيلو برعاية حلويات جيلو أند جيلو،  وهو من أداء جاك بيني.
لماذا يبدو الياباني خائفا، وكأنه ذاهب إلى طبيب الأسنان؟
لأن الأمريكي قادم إليه.
ولكن عدو المجتمع بدأ يتغير، بعد أن مضت ثلاثة أشهر فقط على ضرب ميناء بيرل. كانت زوارق يو تعمل على مرأى من العين المجردة في ميناء نيويورك.
بالسرعة القصوى.
بين إعلان الحرب في السابع من كانون أول ديسمبر من عام واحد وأربعين وآذار مارس اثنين وأربعين تم إغراق مائة وواحد وخمسون سفينة تجارية على طول الشواطئ الحدودية الشرقية.
ما كنا نعلم بأن الغواصات كانت تمولها بالوقود الإضافي كي تبقى في مياهنا. وما كنا نعلم أن هناك معلومات تنقل إليهم.
عززت البحرية استخباراتها على الحدود البحرية، ضمن عالم من الخارجين عن القانون. حيث توزعت أسواقها وأعملها بين العصابات الإجرامية في نيويورك. وكانت أسواق السمك في شارع فيلتون واحدة من هذه المناطق، التي تسيطر عليها عصابات الابتزاز ولا تدخلها الاستخبارات البحرية.
لم تتمكن الشرطة يوما من إثبات قضية ابتزاز واضحة المعالم على الشواطئ. لهذا أفضل ما يمكن أن تقوم به حينها هو أن تحظى بمساعدتهم كمواطنين أمريكيين.
كان لسواق السمك في شارع فولتون استخباراته الخاصة. تستقر في أدنى الجانب الشرقي واحدة من أكثر الإمبراطوريات فسادا في مانهاتن، حيث يعمل عددا من المهاجرين الإيطاليين تحت سيطرة المافيا. ولم تكن الاستخبارات البحرية متأكدة من موقع الوفاء في شارع فولتون.
تبينت احتمالات وقوع عمليات التخريب بوضوح يوم التاسع من شباط فبراير من عام اثنين وأربعين. عندما اشتعلت النيران في الإس إس نورماندي، بعد أن جهزت لتكون سفينة عسكرية، في الجانب الغربي من الشواطئ.
عندما أمرت بأن أتوجه مع فريق كامل للتحقيق في حريق النورماندي، كان أول ما فكرت به هو أنهم نجحوا في تنفيذ عملية تخريبية، لأنها تستطيع أن تتفوق بسرعتها على أي غواصة لدى الألمان. كان ذلك انفجارا هائلا.
كانت هذه لحظات عصبة بالنسبة للاستخبارات البحرية في نيويورك. فحسمت أمرها للتسلل إلى منطقة الشواطئ، ورسمت خطة سرية كاملة. وقف على رأسها شارل ريد هافندين، المحقق الخاص السابق والمعروف بأساليبه الخيالية في المباحث.
خلال اجتماع خاص عقد مع الإدعاء المحلي في نيو يورك، وافقت هذه السلطات على تسليم البحرية جميع الملفات الإجرامية المتعلقة بالمافيا.
ثم جاء الاجتماع الثاني الذي كان علي فيه أن أضع فيه خطة عمل محددة.  كيف لنا الاستفادة من أحد يملك القدرة على المساهمة في الحرب؟ وهكذا برز على السطح اسم سوكس لانسا.
رسميا كان وكيل أعمال يونايتد سيفود وركرز، جو سوكس لانسا، مرؤوسا لدى لاكي لوشيانو، وقد اشتهر جدا بعنفه.
كان سوكس بالغ القسوة. يسيطر على أسواق السمك أسفل الجانب الشرقي، ويتمتع بقوة كبيرة، بحيث لا أحد يبيع السمك دون موافقة منه، وربما كان يتلقى مبالغ مقطوعة مقابل حمايتهم أو ما شابه ذلك. هذه هي مواصفات سوكس بالمنحى العام.
يوم السادس والعشرين من آذار مارس من عام اثنين وأربعين، اتخذت الاستخبارات البحرية قرارا ترك أثرا كبيرا حتى في صقلية. لقد طلبوا من سوكس لانسا أن يتعاون معهم. كان الاجتماع سريا بحيث انعقد في منتصف الليل في حديقة عامة على ضفة نهر في نيويورك. سئل لانسا عما إذا كان مستعدا لمساعدة البحرية. فأجاب ببساطة أنه مستعد لذلك مائة بالمائة.
لم يتضح ما أراد لانسا، زعيم الأسواق أن يكتسبه من تقديم المساعدة. ولكنه كان يواجه حكما بالسجن بتهمة الابتزاز والتهديد. وزع سوكس لانسا الأوامر من مكتبه الرئيسي في فندق ماير. فعلم جميع الرجال العاملين على الشواطئ تحت جسر بروكلين، من حمالين وعمال السفن والصيادين، أن عليهم الإبلاغ عن أي أمر مشبوهة.
أي أن عليهم البحث عن أشخاص قد يتعاطفون مع بلدان المحور. ليقتصر ما سيفعلونه بعدها على مراقبة جميع نشاطاتهم، وخصوصا فيما يتعلق بتحميل السفن، وكل ما له علاقة بإبقاء الخطوط مفتوح.
وماذا تعني بالاقتصار على المراقبة؟
ألا تثير المتاعب، ألا تثير المشاكل، فأنت مسالم.
بقي هافيندن على اتصال دائم بلانسا، وهو يحصد النتائج. نظم لانسا بطاقات نقابية مزورة لعملاء البحرية، فهربهم إلى الحانات والأرصفة وعلى متن السفن. أي أن شراكة نشأت بين استخبارات البحرية والمافيا في شارع فولتون. ولكن طموحات هافندن كانت أبعد من شارع فولتون. كان يحلم بتوسيع المشروع إلى ما هو أبعد من حدود العالم السري في نيويورك. إلا أن تأثير لانسا كان محدودا. إذا أراد هافندن المزيد سيكون عليه أن يتوجه إلى مستويات أعلى. فاقترح عليه لانسا شخصية يمكن أن تضمن له نيويورك بكاملها.
إنه زيل السجن رقم تسعمائة واثنين وتسعين ألف ومائة وثمانية وستين، لاكي لوشيانو.
كان لاكي إنسان لطيف. كانوا في الماضي يحسنون التصرف وليس بسلوك رجال العصابات اليوم. إذا صادف أن اصطدم بك في الشارع لوشيانو مرة عن غير قصد وليس متعمدا قد يعتذر منك.
كان لوشيانو على مسافة ثلاثمائة ميل من نيويورك على الحدود الكندية في سجن يتمتع بالاحتياطات الأمنية القصوى يلقبونه بسيبيريا. لم يتردد هافندن باتخاذ خطوة أقرب من قلب المافيا. فقرر أن يتحدث مع لوشيانو من خلال محاميه. وافق بولاكوف على أن يتصل بلوشيانو، ولكن شرط أن ينتقل موكله إلى سجن أقرب من المدينة. يوم الثاني عشر من أيار مايو من عام اثنين وأربعين، نقل تسعة مساجين إلى حبس يسهل الوصول إليه من نيويورك. وكان من بينهم شارلز لاكي لوشيانو.
عرف مركز غريت ميدو لإصلاح المجرمين حينها بلقب نادي الريف. بدأ لوشيانو عامه السادس من الحكم في هذه الأجواء الأكثر تجانسا.
كان لديه فترة طويلة تتراوح بين أربعين أو ستين عاما.
لا بد أنه كان يقوم بعملية كبيرة بلا شك.
فترة طويلة من حياته.
فعلا.
فعلا أربعين أو ستين عاما من حياته فترة طويلة.
كان سيمضي بعض الوقت كما نقول عادة ولكنها فترة طويلة بلا شك. أيا كانت هذه المدة، فما هي سنوات حياتك؟ هذا هو الأهم.
بعد ثلاثة أيام من وصوله إلى نادي الريف، استقبل زيارة غير متوقعة.
دخل على لاكي وقال: أي جحيم تفعلونه هنا؟ كان مندهش فعلا. شرحنا له الهدف من المهمة فأجاب على الفور نعم سوف أساعد.
وافقت أقوى شخصية مافيا في أمريكا على مساعدة البحرية الأمريكية. في الشهر التالي قامت شخصيات بارزة من كبار زعماء الجريمة في نيويورك بزيارة غريت ميدو.
عينت لمرافقته من الزنزانة تحت إلى غرفة مميزة في مبنى الإدارة  حيث يجلس ثلاثة أو أربعة من الغرباء، وبعد الوصول إلى الغرفة ظننت أن من واجبي البقاء معه لأنه أحد السجناء. فقالوا كلا لن نحتاج إليك يجب أن تنتظر خارج الغرفة في الممر.
لم تسجل أي معلومات عن هوية هؤلاء الزوار من عالم نيويورك السري أو عما يتحدثون مع لوشيانو.. وهكذا أصبحت الإستخبارات البحرية تعتمد على هذه الحفنة من المجرمين.
كانوا أعداء للمجتمع. طبعا. ولكنا كنا نستخدم أي شخص يمكنه أن يقدم لنا يد العون، سواء كان لوشيانو أو بوغسي سيغال، وسواء كان كوستيلو، أو ماير لينسكي، بما في ذلك أبي سلمان  ومايك لاسكاري وشخصيات أخرى على هذا الطراز.
لقد كشفت الآن سرا، إنه عسل أو نجم. ولكن العدو يتنصت، لهذا لن أفصح عنه. لأني حين أكتشف سرا، أقفل فمي عليه.
لا شك أن البحرية أحرقت كل الوثائق والسجلات المتعلقة بصلاتها السرية مع المافيا، بما في ذلك دفتر ملاحظات هافندن الخاص، والذي يحتوي على أسماء من اتصل بهم من المجرمين.
فقد الكثير من تفاصيل هذه المؤامرة. ولكن المؤكد هو أن استخبارات البحرية شجعت المافيا على العناية بالأشغال على الشواطئ. عززت هذه الشرطة الغير رسمية العمليات الوحشية في قيادة المافيا، بما في ذلك جرائم القتل. اتصلت البحرية عبر لوشيانو بشخصيات على غرار القاتل كو أي ديون. تؤكد بعض مصادر العالم السري أن ديون وزملائه قتلوا مشبوها بالتجسس لصالح ألمانيا أثناء فترة العمل مع البحرية.
هناك شائعات تتحدث عن قيام ديون وسوليفان بقتل شخصان يقال أنهما كانا متهمين بالتجسس. ما هو تعليقك على هذه الشائعات؟
بدون تعليق. بدون تعليق.
شهدت كاسابلانكا لقاءا بين القائدين الأولين للحلفاء. الرئيس روزفلت، ورئيس الوزراء تشرشل،اللذان بعثا بثلاث كلمات لألمانيا واليابان وإيطاليا هي: الاستسلام الغير مشروط.
بعد كاسابلانكا نشأ هدف ثالث لمشروع لوشيانو.
مقدمات الاجتياح.تقوم قاذفات الحلفاء من مئات قواعد الجزر الأفريقية بقصف المواقع الإيطالية المحصنة في إحدى الجزر.
عززت النجاحات التي تم تحقيقها في شمال أفريقيا مسألة اجتياح أوروبا، فكانت صقلية هي نقطة الانطلاق. حيث أصبحت الاستخبارات هي الأولوية الأهم. قرر هافندين أن يستغل علاقاته مع المافيا لتقديم المعلومات التي يمكن أن تساعد في الهجوم. وضعت المعاهدة السرية رهن التطبيق على خطوط الجبهة في أوروبا. فوصلت أصابعها الأخطبوطية إلى صقلية.
بأوامر من لوشيانو جاء الأمريكيون من أبناء صقلية بما لديهم من معلومات عن الوطن إلى مركز قيادة الاستخبارات البحرية، حيث عمل طوني مارسلو مترجما لهم.
أشد ما أثار اهتمامي هو نوع  الصور التي كانت بحوزتهم؟ وأي أقرب لديهم في إيطاليا؟
وأين يقيومون؟ وماذا يفعلون؟ هذا ما كانوا يقدمه من يستطيع ذلك. بعضهم كان معاديا. كل ما استطعت قوله هو شيء واحد: هنا حصلتم على رزقكم. هذا هو البلد الذي أعطاكم المأوى. وأنتم مدينون إليه، حتى بحياتكم. ويكفي كل ما يمكن أن تفعلونه لإنقاذ طفل أمريكي واحد.
ألم تتخيل أن يكون بعض الذين تقابلهم من المافيا؟ وأن عائلاتهم قد تكون على ارتباط بالمافيا في صقلية أيضا؟
لم أكن أهتم بانتماءاتهم ومن هم. طالما أنهم يقدمون المعلومات التي يمكن أن تساعد في المجهود الحربي.
أطلقت القيادة العليا للأمم المتحدة في شمال أفريقيا أكبر عملية بحرية في التاريخ العسكري عرفت باجتياح صقلية.
 اعتقدت السلطات الأمريكية أن المافيا يمكن أن تقدم معلومات إستخباراتية محلية مفيدة، بعد إنزال الحلفاء. وعرضت هذه السياسة على القيادة العسكرية المشتركة.
الخطة العسكرية الخاصة للحرب النفسية في صقلية. إقامة اتصالات مع المجموعات السرية. ومنها المافيا مثلا. وتقديم كل المساعدات اللازمة لها.
 .. لا يمكن التعامل بدقة مع الخطة التي وضعت قبل شهر. أسطول يزيد عدده عن ثلاثة آلاف سفينة بالقرب من شواطئ صقلية..
حصلت الاستخبارات الأمريكية من خلال لوشيانو على لائحة بأسماء مفاتيح المافيا للاتصال بها بعد الاجتياح. ومنها أشخاص مثل فيتو جينوفيس، الذي يعتبر رسميا ساعد لوشيانو الأيمن، الذي يختبئ في إيطاليا هربا من تهمة أمريكية بالقتل.. ودون كالو فيشيني. الذي ما زال  يمضي الحكم في صقلية موسوليني.
ونزل الحلفاء في العاشر من تموز يوليو.
أخذت الوحدات الأمريكية العاملة بقيادة الجنرال باتون، تتحرك عبر المناطق الغربية من صقلية، وتستولي على قرية بعد الأخرى، وهي تسعى للانضمام إلى وحدات مونتغامري في الجيش البريطاني الثامن، وقد استولواعلى كاميني وميسالا وكابيني وباليرمو، وهي متشابهة فيما بينها.
يوم الرابع عشر من تموز يوليو وبعد خمسة أيام من الانزال، وصلت دبابتان إلى شارع فيلالبا. فنزلت إلى الطابق السفلي وبدأت أصرخ بالسكان.. وصل الأمريكيون وصل الأمريكيون!! فذهبنا لاستقبال الدبابات. فتناولت عصا طويلة ووجه وسادة أبيض، لأصنع منهما علما أبيض خرجت به لاستقبل الدبابات عند مدخل القرية. كانت الدبابات تقترب من القرية حين خرج صوت  المكبر يقول نادي على دون فيشيني. نادي على دون فيشيني.
فتح باب الدبابة فصعد دون كالو وابن أخيه ثم دخلا إليها وبقينا نحن نجول في المكان. عندما غادروا المكان  تركوا لنا حفنة من السكاكر والسجائر ثم رحلوا.
سقطت صقلية خلال ثمانية وثلاثون شهرا، كما تحررت الجزر الصغيرة المحيطة بها، إلى حيث بعث موسوليني باعداد من رجال المافيا المعتقلين لديه. من بين الفريق الذي حررهم كان هناك بعض من عناصر الاستخبارات البحرية الأمريكية. وكان على رأسه الكابتن ماكس كورفو.
تنبهنا إلى أنهم جميعا كانوا من السجناء السياسيين. ولم نرى أي شخصي يمضي عقوبة إجرامية.
لو أن رجال المافيا كانت هناك بسبب جرائم ارتكبتها لما انزعجنا منهم. ولا شك أنهم بعد تحرير الجزيرة تمكنوا من الحصول على وسيلة نقلهم تعيدهم إلى اليابسة.
بعد شهرين من الاجتياح أجبر الحلفاء على الاعتراف بأن بعض السجناء السياسيين الذين أطلق سراحهم كانوا من المافيا. تأثر النظام سلبا بعد الفوضى التي سادت بعد الاجتياح، فانتعش ما عرف بالسوق السوداء. فكانت تلك أرض خصبة لإعادة انبعاث المافيا.
أصبح استعادة القانون والنظام من مسئوليات الحكومة العسكرية للحلفاء، التي تختصر بعبارة أمغوت، وقد أقامت مقرا رئيسيا للغرب صقلية في فيازا بريتوريا وسط بالميرو.
لأول مرة في الحرب يتحرر بلد ما لا بد من إدارته. فعادت مسئولية الارتباط مع سلطات صقلية المحلية إلى العقيد شارل بوليتي، الحاكم السابق لنيويورك.
لم يكن لدينا أي مشكلة مع المافيا على الإطلاق.. لم يسمع أحد بها. أثناء وجودنا هناك لم يسمع أحد بذلك. على اعتبار أن المصادر التي يعتمد عليها الجنود والجيش أعني جيشنا يمكن أن تفعل أي شيء. لا يوجد مشكلة في ذلك. حتى أن أحدا لم يسمع بالأمر، وبالتالي لم يتحدث به أحد.
إلا أنه ضمن قيادة أمغوت يتذكر قادة الاستخبارات أحداث مختلفة . تولى جوزيف روسو مسئولية مكتب الأو إس إس، سلف السي أي إيه.
ذهبت إلى صقلية واستوليت على الأمور. فكان أول ما فعلته هو البحث عما يسمونه هناك بالمالافيتا، أي المجرمين، ليتبين لاحقا أنهم في الغالب من المافيا.
سرعان ما تحول هؤلاء إلى أهم مصادر المعلومات السياسية للأو إس إس.
أعجبهم إسمي جدا وحقيقة أن كورليون هي مسقط رأس والدي، والمهد الدافئ للمافيا أيضا. المهم أني تعرفت على هؤلاء الأشخاص، أعني القادة الأوائل منهم، وهم كبار لا بد أنهم كبار فعلا، إذ لم يستغرقوا كثيرا في إعادة بناء أنفسهم وصلات التضامن القائمة بينهم  كعصابات، لقد تعرفت على كل فرد منهم .
كانت المافيا تعرف ثمن المقايضة التي تم التوصل إليها في نيويورك. وكان على شعب صقلية أن يدفع الثمن.
تجسدت مهمة أمغوت الرئيسية بعد التحرير، بإعادة بناء الحكومة المحلية، وذلك بتعيين رئيس بلدية في كل بلدة وقرية. أما في فيلالبا فكان دون فيشيني على وشك العودة من الظلام.
كان زعيما للمافيا في صقلية. بعد استشارة لاكي لوشيان علم الأمريكيون والضابط هافندر ما هي مواصفاته، وإلى من كان يرسلهم. وكانوا أيضا يعرفون من هو دون كالو وما الذي يمكن أن يفعله في صقلية.
يوم الثاني من تموز يوليو من عام ثلاثة وأربعين عين دون كالو فيشيني رئيس بلدية لفيلالبا.
عندما عين دون كالو فيشيني رئيس بلدية للقرية اجتمع غالبية السكان هناك في الساحة. فتحدث الملازم الأمريكي أمامهم بلغة إيطالية ضعيفة وقال: هذا هو سيدكم!
ولم يكن هذا حال فيلالبا وحدها، بل جاء قادة المافيا الواحد تلو الآخر.
خمس وتسعون بالمائة من رؤساء البلديات الذين عيونوا  في القرى والبلدات.
بعد دخول الحلفاء؟
نعم تحولوا إلى رؤساء بلديات. وأحمل المسؤولية..
من هو المسئول عن ذلك؟
أمغوت. حكومة الحلفاء العسكرية، بوليتي.
نصب شخص يحمل اسم كالو فيشيني رئيس بلدية لقرية فيلالبا وهو زعيما للمافيا، ما هو رأيك في ذلك؟
لم أسمع بالأمر.
هل كنت مسئولا عن تعين رؤساء البلديات؟
كان ضباطي في المحافظات رؤساء بلدية، أين كان ذلك؟ أين كان؟
في فيلالبا.
لا أعرف أين تقع فيلالبا.
هل كنت تعلم باحتمال أن يكون بعض رؤساء البلدية أعضاء في المافيا؟
كلا، على الإطلاق. حتى أني لاأعرف أين تقع فيلالبا. لا يمكن أن تكون مكانا هاما. لم أسمع بها من قبل.
كانت فيلالبا بلدة تضم أكثر من أربعة آلاف مواطن، وهي موقع إداري هام في إحدى المحافظات الواقعة تحد سيطرة بوليتي. وكان هناك عدة بلدات أخرى.
عين كالو فيشيني في بلدة فيلالبا، وسالفاتور مالتا في فيلالونغا، وجينكو روسو مراقبا للشئون العسكرية والمدنية في موسوميلي، ما يعني أنه يحكم نصف المنطقة تقريبا.  وجد دون كالو ورجاله أنفسهم في مواقع يمسكون من خلالها السلطات العسكرية والمدنية معا. وبدل أن يستعيدوا الحرية مع نهاية الحرب، قاموا بقمعها والقضاء عليها.
عقد اجتماع في قاعة البلدة في ماتسالا دي فالو، ضم كابتن الجيش الأمريكي ورئيس البلدية والأسقف ومسئول الشرطة للبحث في سبل التعاون بين السلطات المحلية والحلفاء.
وهكذا أرادت المافيا من خلال شرعيتها السياسية الجديدة، أن تتحدث عن المستقبل.
كانت لدي نافذة تطل على الشارع العام عبر البوابة الحديدية، فشاهدت مجموعة رجال تدخل في سيارة فأوقفهم الحارس وأجبرهم جميعا على النزول. ثم سألهم باللغة المحلية لصقلية. ماذا تفعلون هنا؟
دخلوا مع زعيمهم كالو فيشيني إلى مكتبي وبعد أن جلسوا، بدأ كالو يسأل عما يمكن أن يتوقعه، كمواطن من صقلية، وما الذي سنفعله بالشيوعيين الأبالسة، لأنه  من الأفضل التأكد من ذلك. فأجبته بأننا لن نفعل بهم شيئا. لأنهم الآن حلفاء لنا. فنظر إلى الطبيب الذي توجه إلي إلي وقال: يقول أنه لا يصدق ذلك أيها القائد.
كانت المافيا على حق لقد تغير العدو. فبعد إخراج موسوليني من صقلية وإيطاليا من الحرب، حسم الحلفاء أمرهم لدعم التعاطف المتنامي مع الأفكار الشيوعية بين الفلاحين في صقلية.
اتفق الثالوث المتحكم في سلطة صقلية، والمؤلف من الكنيسة الكاثوليكية، وملاكي الأراضي والمافيا، على كراهية الشيوعيين. فللثلاثة مصلحة في علاقات  النظام الإقطاعي البائد، الذي يصر الشيوعيون على إسقاطه.
تحولت المافيا التي عاملها موسوليني كعصابات إجرامية، إلى حليف سياسي للحلفاء على أيدي الأمريكيين. وعزز جهاز الأو إس إس روابطه مع المافيا، مستخدما أبناء صقلية ممن يتمتعون بمناصب رفيعة في المافية.
أحد الأشخاص الذين اعتبرت اللجنة الإيطالية البرلمانية المناهضة للمافيا أنه على صلات من هذا القبيل، هو الكابتن فيتو غواراتسي، الذي اعترف أنه تعاون عن معرفة منه مع الأو إس إس. ومن بينهم جو روسو وزميله فينسينت سكامبورينو.
لدى الأو إس إس العديد من الناس الذي يتمتع بعضهم بكفاءات عالية، ومنهم سكامبورينو وروسو وكورفو، الذين بذلوا ما بوسعهم لإقامة مستوى من المعلومات والتعاون.
ألم تتحدثوا عن المافيا؟
كلا لم نتحدث عنها. ولم نكن على علم بها، فلم نعنى بالعالم السري، ما يشير إلى أننا لم نثق به.
ولكن رسالة كتبها القنصل لأمريكي في صقلية إلى السفير في روما تشير إلى تقارير تتحدث عن اجتماع بين قادة المافيا عقد في منزل فيتو غوارتزي في باليرمو. وقد حضر الاجتماع حسب الرسالة زعماء المحافظات الثلاث في غرب صقلية.
أرفض كليا ما يتم الحديث عنه، لم يعقد في منزلي أي اجتماع من هذا النوع. ربما عقد اللقاء في مكان آخر، ولكن ليس في منزلي. أي أني لم أر هؤلاء الأشخاص معا. طبعا كنت أ‘رف كالوغيرو فيشيني، ولكني لا أعرف برونو. وكنت أعرف كوتوني لأنه إحدى الشخصيات البارزة في ألكامو، وأصل عائلتي من هناك، ولكن ليس في منزلي، وليس للأهداف المعلنة أعلاه.
هل ساعدك غواراسي على الاتصال بشخصيات من المافيا؟
كلا، لقد كان محام مستقيم جدا.
لدينا تقارير تتحدث عن اجتماع لشخصيات من المافيا عقد في بيت غواراسي.
صحيح؟
هل تعرف ماذا كان يفعل غواراسي في شمال أفريقيا مع سكامبورينو في أيلول سبتمبر من عام ثلاثة وأربعين؟
نعم، هذا من شأن سكامبورينو.
هل كانوا يتحدثون عن المافيا؟
كلا حسب معلوماتي، ولا أريد متابعة الحديث عنه لأن غواراسي ما زال على قيد الحياة، ولديه عائلة رائعة.
يتضح مستوى التقارب في هذه العلاقات في مذكرة لدى الأو إس إس تتحدث عن الظروف السياسية الفعلية لسكان صقلية، وهي تحمل تاريخ الثالث والعشرين من شباط فبراير من عام أربعة وأربعين.
تلعب المافيا اليوم وأكثر من أي وقت مضى دورا فعالا في الحياة السياسية للجزيرة. وهي تسعى لإثبات وفائها وإخلاصها بطريقة سرية، للإرادة السياسية للولايات المتحدة.
في شباط فبراير من عام أربعة  وأربعين، أنشئت قنصلية أمريكية في صقلية، لتكون الأولى التي يتم إنشاؤها في أوروبا المحررة.
وكان القنصل ألفريد نيستير يعتمد على الأو إس إس في معلوماته الإستخباراتية. وكانت الأو إس إس بدورها تعتمد في ذلك على المافيا، التي كانت وجهات نظرها تنقل مباشرة إلى واشنطن، حيث أقيمت رموز للأسماء، فكان دادي هو القنصل ألفريد نيستير، ولم يكن بولفروغ إلا زعيم المافيا دون فيشيني. وكان السيد إكس ضابط اتصال الأو إس إس بينهما جوزيف روسو.
ما هي وثيرة اللقاء معهم؟ أتعني مع زعماء المافيا؟ مرة في الشهر على الأقل. أما الأسباب التي تدفعهم إلى المجيء لزيارتي فهي أنهم كما ا‘تقد كانو يبحثون عن دعم معنوي أكثر من أي شيء آخر. والعجلات أعني عجلات السيارات فهم طبعا بحاجة إلى وسيلة يتنقلون ويتحركون بها، حتى يتمكنوا من القيام بعمل أفضل، لمتابعة مصالحهم التي لم أكترث يوما بالتحقق من طبيعتها.
في أيلول سبتمبر من عام أربعة وأربعين، شنت المافيا حربا جديدة لتدمير معارضتها السياسية الجديدة. فكثفت حملة من الاغتيالات والترهيب .
شخص أمريكي واحد فقط دق ناقوس الخطر. بعد ثلاثة أشهر من الإنزال، قام الكابتن في الجيش دوبل يو سكوتن، الذي يتمتع بتجربة دبلوماسية في صقلية، بكتابة تقرير إلى الأمغوت يحمل عنوان مشكلة المافيا في صقلية.
شهدت المافيا حالة من النهوض القوي منذ احتلال صقلية، ما قد يؤثر سلبا على الحاضر والمستقبل. ويبدو أن هناك ثلاث احتمالات مفتوحة. ألف: أن يتم القيام بإجراءات صلبة وحاسمة يتم فيها السيطرة على المافيا. باء: التفاوض على اتفاق مع زعماء المافياي. جيم: التخلي عن أي محاولة للسيطرة على المافيا. أما الخيار الثالث فهو الأقل مقاومة. قد يعني ذلك أ، تترك الجزيرة إلى حكم الجريمة لفترة طويلة من الزمن. إلا أن فرص نجاحها بالمقابل مضمونة بالكامل.
وكانت توقعات سكوتون في مكانها. وصل الإرهاب إلى حدوده القصوى في أيار مايو من عام سبعة وأربعين، إذ تحولت بورتيلا دي لا غينيسترا إلى أشهر وأول مذبحة سياسية تشهدها صقلية.
كنا نقوم كل عام بالاحتفال هنا وسط أجواء من الهدوء والمرح. كان الجميع يستمع إلى الخطابات حين بدأ إطلاق النار. اعتقدنا في البداية أنها ألعاب نارية للاحتفال، إلى أن اخترقتنا العيارات النارية فتبين لنا ما نحن عليه من بؤس. أخذ الناس يصرخون ويتراكضون فوق بعضهم هربا، إلا أن الرصاص كان مستمرا.. سقط الكثيرون بين قتيل وجريح. على مسافة عشرين مترا رأيت سيدة تجلس على ظهر جوادها فأطلقوا النار على الجواد الذي سقط أرضا فوق السيدة فقتلها، وماتا معا.
كل حجر في بورتيلا  يرمز إلى ضحية للمافيا. كتبت على النصب عبارة تقول: يرقد هنا رجال ونساء وأطفال، استهدفتهم رصاصات المافيا وملاك الأرضي، وسقطت عليهم كالمطر.
شعرت بالإساءة جدا، ليتك ترى تلك المذبحة لأشخاص تضرجت الأرصفة بدمائهم. كان مشهدا مريعا. كأن ترى والدا يحمل جثة ابنه وهو عائد إلى قريته. حتى أن من رأوه لم يتمكنوا من مواساته. لأن الولد كفلذة الكبد.
غيرت الحرب كل شيء بالنسبة للمافيا في صقلية. حيث وجدت عصابة إجرامية نفسها فجأة تتمتع بقوة سياسية، دافعت عنها بقسوة بالغة. يعتبر مقتل القاضيان فالكون وبورسيلينو، جزء من سيرة طويلة من الاغتيالات السياسية، التي قامت بها أجهزة المافيا.
أشعر بالذنب لأن إيطاليا لم تتمكن من إنشاء حكومة تسيطر على شعبها. ولكن ما جرى لهؤلاء الرجال لم ينجم عن اجتياحنا أو عن هزيمة إيطاليا، بل نجم عن إخفاق أربعة وخمسون حكومة كانت تنقصها الرغبة والقدرة على وقف المافيا.
يشرف ليولوكا أورلاندو القاضي الأشد حماية في إيطاليا، جميع زملائه الذين قتلوا على يد المافيا، وهو يعرف اليوم أنه قد يلحق بهم.
للعمل المنفرد معان كثيرة، كما أن للقلق من ارتشاف القهوة في البيت، والتحدث مع صديق دون حماية شخصية معان كثيرة أيضا. صرت أغير المكان الذي أنام فيه كل ليلة، أنام اليوم في مبان عسكرية، ويتولى الجنود حماية بيتي وعائلتي.
تعتبر حياتي في خطر منذ عدة سنوات. وما زلت حتى اليوم. إذ أن حياتي تحولت إلى سباق مع الزمن، إذ أن علينا أن نسرع جدا في تغيير النظام السياسي. لأن تغيير النظام السياسي وحده هو الكفيل بأن يجعل الحياة أقل خطورة.
لا بد أن نكافح، لقد تعبنا من البكاء في باليرمو، أصيب الشعب بكامله هنا بالتعب.
عنى دخول قوات الأمم المتحدة  بالنسبة لآلاف المرهقين من الحرب في صقلية، التحرر من الفاشية. وهو بالنسبة للشبان الذين يركبون سيارات الجيب الشهيرة بمثابة بزوغ فجر جديد.
ليس هناك ما يمكن أن أقوله إلا أن ما جرى سيء جدا، لأننا لم نقم بواجباتنا، يكفي أن أقول ذلك.
من المحتمل أن أتعرض للقتل يوما ما، ولكني حينها لن أقتل على يد المافيا وحدها، بل على أيدي كل السياسيين الذين يدافعون عن المافيا. قد يكون القاتل عضو من المافيا، أما الرأس المدبر للجريمة فسيكون رأس سياسي.
--------------------انتهت.
إعداد: د. نبيل خليل